قال الله : ( إنما المومنون الذين إذا ذكرالله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى
ربهم يتوكلون *الذين يقمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون *أولئك هم المؤمنون حقاً*)
قوله : (إذا ذكرالله )
إذا ذكرت عظمته وجلاله وسلطانه خافت القلوب ووجلت
المؤمن هو الذي إذا ذكر الله وجل قلبه وخاف.
إذا سمعوا كلام الله عز وجل ازدادوا إيماناً من وجهين :
الوجه الأول :
التصديق بما أخبر الله به من أمور الغيب الماضية والمستقبلة.
الوجه الثاني :
القول والإذعان لأحكام الله فيمثلون ما أمر الله به فيزداد بذلك إيمانهم ،
وينتهون عما نهى الله عنه تقرباً إليه وخوفاً منه فيزداد إيمانه ،
فهم إذا تليت عليهم آياته ازدادوا إيماناً من هذين الوجهين .
وهكذا إذا رأيت من نفسك أنك كلما تلوت القرآن ازددت إيماناً فإن ذلك من علامات التوفيق ؟
أما إذا كنت تقرأ القرآن ولا تتأثر به فعليك بمدواة نفسك
بمدواة القلب ،فإن القلب إذا لم بنتفع بالقرآن ،
ولم يتعظ به فإنه قلب قاسٍ مريض نسأل الله العافية.
فأنت طبيب نفسك ، لا تذهب إلى الناس ،
اقرأ القرآن ، فإن رأيت أنك ازددت به إيماناً وتصديقاً وامتثالاً فهنيئا لك وأنت مؤمن ،
وإلا فعليك بالدواء قبل أن يأتيك موت لاحياة بعده وهو موت القلب ،
وقوله : ( وعلى ربهم يتوكلون )
أي : يفوضون أمورهم كلها إلى مالكهم ومدبرهم خاصه لا إلى احد سواه
كما يدل عليه تقديم المتعلق على عامله والجملة معطوفة على الصلة ،
إشارة إلى الاختصاص والحصر وأنهم لا يتوكلون إلا على الله عز وجل ؛
اعتمد على الله عز وجل في أمور دينك ودنياك ..
( الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينققون )
يقيمون الصلاة يأتون بها مستقيمة بواجباتها وشروطها وأركانها ويكملونها بمكملاتها ،
ومن ذلك أن يصلوها في أوقاتها ، ومن ذلك أن يصلوها مع المسلمين في مساجدهم ؛
لأن صلاة الجماعة كان الناس لا يتخلفون عنها إل منافق أو معذور.
قال ابن مسعود رضي الله عنه
: " لقد رأيتنا ـ يعني مع الرسول عليه الصلاة والسلام ـ وما يتخلف عنها إلا منافق أو مريض ،
ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " لا
يثنيهم عن الحضور إلى المساجد حتى المرض رضي الله عنهم .
( ومما رزقناهم ينفقون)
ينفقون أموالهم في مرضاة الله وحسب أوامر الله وفي لحل المناسب
( أولئك هم المؤمنون حقاً)
حقاً: توكيد للجملة التي قبلها أي أحق ذلك حقاً.
( لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم )
نسأل الله أن يجعلنا وأياكم منهم بمنه وكرمه إنه جواد كريم ..
" .من كتاب شرح رياض الصالحين . لاِبن عثيمين رحمه الله"